(النكسة الفلسطينية والعربية عام 1967م )
أبو خالد السياف الغزي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إخواني في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها نحن نعيش وإياكم اليوم في هذا الشهر ( حزيران ) ذكرى ما يعرف ب النكسة ) لتمييزها عن نكبة عام 48م ...
فما هي النكسة يا ترى وكيف حدثت وما هي مسبباتها و نتائجها ...؟
توطئة تمهيدية
بعد الهزائم المتلاحقة التي لحقت بالعرب سواء في حرب ( النكبة عام 48م ) أو ( عدوان عام 1956م ) ( العدوان الثلاثي على مصر ) تراجعت ( الأمة العربية ) صاحبة التاريخ العريق ، تحت ضربات العصابات الصهيونية ( المدعومة غربيا ) وذلك بسبب ( البعد عن الدين ... وتعطيل فريضة الجهاد بمفهومها الإسلامي الصحيح ) بالإضافة إلى التراجع في التجهيز العسكري ، و التفكك العربي والإسلامي ..
الحرب
في ساعات الضحى الباكر من صبيحة يوم الاثنين 5/6/1967م انطلقت الطائرات الصهيونية من قواعدها نحو الأجواء المصرية ، وقامت بقصف أكثر من 18 مطار مصري في سيناء والقنال والدلتا ، فأصابتها بإصابات بالغة ، كما قام الطيران الحربي الصهيوني بقصف مناطق عسكرية في الضفة الغربية التي كانت تخضع ( للإدارة الأردنية آنذاك ) ، فضلا عن وصول القصف الصهيوني إلى الجولان السوري ، وبذلك تكون الحرب قد دارت على ثلاث جبهات ...
ومما يذكره المؤرخون ، انه من بين ( 140 ) طائرة مصرية ، تم تدمير ( 30 ) منها بفعل القصف الحربي الصهيوني على مطارات مصر ...
كما قال المؤرخون العسكريون : بأن اليهود استخدموا ( 400 ) طائرة حربية في قصف المواقع والمطارات العربية يومذاك ...وانتهت من مهمتها الأولى هذه في اقل من ثلاث ساعات ...!!!
يوم 6/6 تمكن الطيران العراقي من قصف مستوطنة ( ناتانيا ) الصهيونية ، بحيث رد الصهاينة بتدمير قاعدة (h3) القريبة من الحدود الأردنية ..
ومما يذكر أنه في مسار ذلك اليوم تم تدمير 416 طائرة عربية وهي رابضة على أرض المطارات ، ما عدا 24 طائرة تم إسقاطها أثناء العمليات الحربية ..
في حين خسر الصهاينة 37 طائرة ..
هزية نكراء :
وبهذا التدمير للطيران العربي أصبحت القوات المصرية في سيناء عارية تماما من الغطاء الجوي اللازم للمعركة ، وبهذا تقدمت العصابات الصهيونية بريا لمهاجمة المناطق العربية ، فكانت غزة أول هدف بري تهاجمه المدرعات وقوات المشاة الصهيونية ( ومما يذكر أن غزة كانت تخضع للإدارة المصرية آنذاك ) فتقدمت القوات البرية نحو غزة فاحتلت غزة وخانيونس ورفح ودخلت إلى الحدود المصرية واحتلت منطقة الشيخ ( ازويد ) ، بعد معارك ضارية مع القوات المصرية والقوات الفدائية الفلسطينية التي تراجعت تحت ضخامة الهجوم العسكري الصهيوني الذي عاث في البلاد والعباد فسادا كبيرا ... مما اضطر السكان والمواطنين ( من اللاجئين في المخيمات ومن المواطنين أهل غزة الأصليين ) إلى الرحيل عن ديارهم ( في رفح وخانيونس ) والهروب إلى مناطق ( الأحراش ) و( المواصي ) وهي مناطق زراعية قرب شاطئ البحر ( غربا ) واحتموا بالأشجار والمزارع من شدة القصف والهجوم الصهيوني المباغت للقطاع آنذاك .. واستمر القتال البري يومين حتى وصلت جيوش الصهاينة إلى العريش المصرية واحتلتها ، في حين دب الرعب والخوف في صدور الجنود المصريين فأخذوا بالإنسحاب والتراجع ... تحت أشعة شمس الصحراء الحارقة وفي ظل الجوع والعطش وغياب الغطاء الجوي ..
ملة الكفر واحدة :
ومما يذكر أن ( الأسطول الأمريكي ) المتواجد في مياه البحر الأبيض المتوسط ، قد ساهم في تعزيز القوات الجوية الصهيونية ، وشاركت طائراته بقصف المواقع والمطارات العربية .. الأمر الذي أكدته تقارير القوات المسلحة العربية والتي قالت بأن الهجوم الجوي للطائرات المعادية جاء من ( الشمال ) حيث الأسطول البحري وليس من الشرق ..
كما تأكد الخبر من خلال المحادثة بين الرئيس المصري ( جمال عبد الناصر ) والسفير الروسي يوم 7/6حيث أكد الأخير بأن ( كوسجين الروسي ) أبلغه بأنه قد تلقى رسالة من ( جونسون ) على الخط الأحمر تقول : أن طائرتين أمريكيتين حلقتا ( اضطرارا ) فوق المواقع المصرية لإنقاذ الباخرة ( ليبرتي الأمريكية ) التي هاجمها اليهود ( على حد زعمهم )
ولقد هدف جونسون من هذا التوضيح ، لإقناع عبد الناصر ( عبر السوفيت ) ليكون دليلا أمريكيا ( كاذبا طبعا ) بعدم المشاركة في الحرب .. إلا أن عبد الناصر رفض هذا التبرير وقرر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الأمريكان ..
هذا ... ومما هو جدير بالذكر أن القوات السورية أسرت طيارا صهيونيا بعدما أسقطت طائرته ، وأجرت معه تسجيلا قال فيه : أن 17 طائرة من نوع ( فولكان ) بريطانية قد انتقلت قبل الحرب بعشرة أيام من قاعدة ( اكرونيري ) البريطانية في قبرص إلى إسرائيل بهدف ضرب المواقع العربية ( السورية والمصرية ) كما قال بأن ثمة طائرات تنطلق من قبرص وتضرب أهدافا عربية وتعود ...
وبهذا الإيضاح للمشاركة الأمريكية والبريطانية في الحرب الجوية على العرب قامت مظاهرات حاشدة وعارمة في معظم عواصم ومدن الدول العربية ضد القنصليات الأمريكية والبريطانية ...
اليهود يطلبون وقف القتال ... العرب رفض ثم قبول
يوم 7/6 أعلنت الحكومة الإسرائيلية بأنها على استعداد لوقف إطلاق النار بشرط قبول العرب ذلك .. وكان ذلك قبل وصول القوات الصهيونية إلى شاطئ قناة السويس الشرقي ، إلا أنها كانت قد احتلت مساء ذلك اليوم الضفة الغربية والقدس وأريحا ...
وكان ذلك الإعلان على لسان وزير خارجيتهم ( أبا ايبان ) في مقر الأمم المتحدة .... الأمر الذي رفضته مصر .. فقامت الجزائر بإرسال عدة طائرة لمساعدة مصر إلا أنها لم تفلح في تعديل الوضع المؤسف .
8/6 قوات ( إسحاق رابين ) رئيس ما يعرف ب ( هيئة الأركان للجيش الصهيوني ) تشن هجوما بالدبابات والمدرعات عبر سيناء وتتقدم إلى الغرب حتى وصلت إلى شاطئ القناة الشرقي .
كما حدثت في ذلك اليوم حادثة قصف الباخرة ( ليبرتي الأمريكية ) في البحر المتوسط ( قبالة العريش ) بالقذائف الصهيونية بحيث قتل 34 جندي أمريكي ... الأمر الذي بررته إسرائيل في حينه بأنه حادث بالخطأ قبل التحقق من هوية الباخرة .. في حين اعتقد الأمريكان بان المصريين هم من قصفها , واتخذت القوات الجوية الأمريكية استعداداتها العسكرية لضرب القاهرة بالأسلحة النووية انتقاما للباخرة التي اتضح بأنها أصيبت بقذاقف الطائرات الحربية والطوربيدات البحرية الصهيونية يومذاك ...
قيل ( بأن هدف قصف الليبرتي ) كان يهدف إلى توريط مصر والعرب في حرب مباشرة مع الأمريكان لصالح إسرائيل ..... وقيل بأن القوات الصهيونية قصفت الباخرة لأن طاقمها رصد مكالمات ورأى عمليات تصفية جسدية للجنود الأسرى المصريين في سيناء ، فأرادوا قتل وإنهاء الشاهد ( حسب زعم المحللين ) .. إلا أن هذه التحليلات تبقى تقديرات غير مؤكدة وما زالت ( عملية الليبرتي ) لغزا محيرا حتى يومنا هذا ...
و نعود إلى مجرى الحرب العربية الصهيونية ... بحيث قام مندوب مصر في الأمم المتحدة بإبلاغ ( يوثانت ) سكرتير عام الأمم المتحدة قبول مصر لوقف إطلاق النار ... بحيث جاء هذا القبول بعد الموافقة الأردنية أيضا ... نتيجة الهزيمة النكراء التي حلت بالعرب ...
استقالة وتجدد للقتال وحسم للمعركة :
ليلة 8-9/6 سوريا أيضا تعلن قبولها بوقف القتال ، في حين ذهب عبد الناصر ليعلن تنحيه عن الحكم ..
يوم 9/6 صباحا .. أعلن الناطق باسم الجيش الصهيوني بأن السوريين ضربوا المزارع الجماعية ... في إشارة لتبرير الهجوم على الجولان السوري ، واستمر القتال على هضبة الجولان بين اليهود والسوريين ، فين قدم عبد الناصر وعبد الحكيم عامر استقالتيهما ...
10/6 سقوط مدينة القنيطرة السورية بيد اليهود .... ليقف ( رابين ) رئيس الأركان قائلا :
( إن حرب أبناء النور ضد أولائك الذين حاولوا إغراقنا في الظلام قد انتهت )
وبهذا انتهت حرب حزيران بعد إرتقاء 2500شهيد ( نحسبهم والله حسيبهم ) و5920 أسير ، بينما سقط 679 قتيل يهودي وأصيب 2563 جريح وتم اسر 18 ، 9 منهم في مصر ...
ولقد تم تدمير 130 دبابة إسرائيلية ، مقابل تدمير 1100 دبابة عربية منها 300 بقيت صالحة للعمل ..
وهكذا أصبحت كامل فلسطين بالإضافة إلى الجولان والقطاع والضفة والقدس وسيناء .. تحت الحكم الاستعماري الصهيوني البغيض ..
تراجع عن الاستقالة :
بقي أن نذكر بأن الرئيس جمال عبد الناصر قد عدل عن قرار الإستقالة يوم 10/6 بعد خروج المظاهرات الجماهيرية التي طالبته بالاستمرار في منصبه ..
ومما يذكر في هذا المقام التاريخي أن ما يسمى بمجلس ( الأمن الدولي ) اصدر قرارا يحمل الرقم ( 242 ) يوم 22/11/1967م يقضي بإنهاء حالة الحرب بين العرب واليهود و يدعو لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة عام 67م ...
إلا أن إسرائيل لم تنفذ القرار حتى يومنا هذا بإستثناء انسحابها من القطاع عام 2005م نتيجة الضغط الجهادي لفصائل المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات والقوات الصهيونية ..
كلمتي الختامية
لقد جربنا كثيرا من المناهج ك ( القومية والوطنية والإشتراكية ) وخضنا العديد من التجارب فما أغنت ( جميعها ) عنا شيئا ... فجميعها أثبتت فشلا ذريعا في استعادة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني في أرضه السليبة .....
ومن هنا يتأكد لدينا بما لا يدع مجالا للشك ، في أن المنهج الوحيد ( الطاهر ) الذي يعيد لنا الحقوق و العزة والكرامة هو ( منهاج النبوة ) على طريق ( السلف الصالح رضوان الله عليهم ) .. فهو منهج الولاء والبراء ... على أساس ( كتاب يهدي وسيف ينصر ) .. فلا يمكن لمثل هذه المبادئ الربانية أن تنهزم أمام شراذم اليهود وأعوانهم من عباد الصليب .. فشتان .. شتان .. بين الحق والباطل .. شتان شتان .. بين ( طلاب الآخرة وجبناء الموت ) .. فبهذا النهج القرآني القويم لا ينبغي لنا هزيمة ولا تنخفض لنا عزة ... فحتى إن تمكنوا من التفوق علينا .. فسيكون تفوقهم تفوق الخائف المرتجف .. وسنكون قد خسرنا معركة من المعارك وجولة من الجولات بكرامة وعزة وشموخ .. ولن نرفع الراية البيضاء ... فلا راية عندنا إلا ( راية التوحيد ) راية دولة العراق الإسلامية السمراء ، التي تحمل عبارة التوحيد وخاتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. وسنكون قد خسرنا ( الجولة ) بعزة المنتصر .. وكرامة المؤمن ... كما هو الحال مع إخواننا المجاهدين في ميادين الجهاد العالمية مع الكفار .. فهم خسروا جولة من جولات الحرب ، ولكنهم ما زالوا يصارعون الباطل بالحق ... فما أجمل أن يموت الإنسان ( شهيدا ) عزيزا كريما مرفوع الهامة ... وما أبشع من مات ميتة الجاهلية بالجبن والخور والباطل ....
فتلانا في الجنة وقتلاهم في النار
فنحن و أنصارنا نعمل من أجل أن تكون الكلمة العليا لله رب العالمين .. أما الذين كفروا فيقاتلون من اجل متاع الدنيا القليل الزائل .. فشتان شتان بينهما ..
{مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (197) سورة آل عمران
{وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} (88) سورة الكهف
وليعلم ( أحفاد بني قريظة والنظير وقينقاع ) بأن لنا معهم موعدا .... يختلف عن موعد
الآباء
والأجداد ..
فموعدنا نحن الأحفاد بعد مسيرة الهزائم المتلاحقة ستحقق النصر المبين .. وليعلم ( طغاة بني إسرائيل ) ( جيل الإحتلال ) بأن المسلمين لا يمكن أن يقبلوا بهزيمة بعد اليوم .. فلقد ألغينا كلمة الهزيمة من قاموسنا والى الأبد .. كيف لا ونحن قد تزنرنا بحزام الشريعة والجهاد .. على طريقة السلف الصالح رضوان الله عليهم
فلينتظرونا ولينتظروا الملحمة الكبرى بين الحق والباطل ..
{ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (81) سورة هود
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}
(6) سورة الأنعام
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (105) سورة الأنبياء
{وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}
(104) سورة الإسراء
ونختم مقالنا التاريخي هذا .. بشعار إخواننا في الثغور من قوات التوحيد والجهاد العالمي :
فالمعركةُ دائرةٌ اليومَ على أبوابِ المَلاَحمِ، وإنّها واللهِ الفتوحاتُ، ولنْيعودَ التّاريخُ للوراءِ، فقدْ رحلَ عهدُ المذلّةِ والاستبدادِ، فانفضي عنكِ أمّتيالذّلّ والاستجداءَ، وانزعي عنكِ ثيابَ النّومِ والاسترخاءِ، فما العيشُ إلا عِيشةٌكريمةٌ أو طعنةٌ نجلاء. ولا نامَتْ أعينُ الجُبناءِ.
والى أن نلتقي بجحافل الجهاد العالمي على أبواب بيت المقدس نحييكم ( أخوة التوحيد والجهاد ) بتحية الإسلام العظيم
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله ولي التوفيق
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين